سعوديون يطالبون بمحاكمة الشيخ "البراك"
غادة محمد
قوبلت فتوى الشيخ عبد الرحمن البراك والتي أباح فيها قتل من يستبيح الاختلاط في العمل والتعليم بردود أفعال واسعة النطاق في المملكة العربية السعودية وسط رفض واسع لهذه الفتوى ومطالبات بضرورة محاكمة الشيخ البراك وإيجاد حلول سريعة لمسألة الفتاوى المثيرة للجدل والتي تسيء إلى سمعة السعودية.
جدة: قالت الإعلامية بثنية النصر في حديث خاص لـ"إيلاف" في معرض حديثها عن الفتوى المثيرة للجدل، "إن المطالبة بمحاكمة البراك مطلب أمني فكم سمعنا تصريحات تؤكد محاربة الإرهاب وعلى رأسه الإرهاب الفكري وخطابات التغرير، تلك الخطابات التكفيرية المُتشددة التي تغرر بشبابنا"، وأضافت أن "البراك يحرض على القتل بهذه الفتوى وفي موقعه الرسمي وهو أمر خطير ولا يمكن السكوت عنه أو قبوله".
وطالبت النصر بعدم سجن البراك خمس سنوات أو جلده كما صدر بحق المجاهر بالمعصية مازن عبد الجواد، "بل يجب ردعه بما يليق بعمره بإحالته لدار عجزة والحجز عليه بصفته فاقد الأهلية" على حد تعبيرها، وتابعت نصر أن "المهم هو تصريح رسمي يقر بخطأ الشيخ وأن يعلن عقوبة قانونية مغلظة رادعة لكل من يفكر أن يتبع نهجه في الفتاوى والتحريض المتشدد من مشايخ الوطن".
وأبدت الإعلامية السعودية أسفها تجاه هذه الفتاوى، وقالت إن "أبناء المملكة سيسيرون بقوة في كل مشروع تنموي أو حضاري تسلكه الدولة نحو وطن السلام لا العنف تحت شعار "التعايش السلمي والتحاور بالتي هي أحسن".
وتساءلت نصر "هل يعقل أن يكتب لمشروع ملكنا قائد حوار الأديان النجاح وفي عقر دارنا من يشوه سماحة ديننا وشعبنا ومرونته بهكذا خطاب جهل وعنف؟ قد تكون الإجابة: دائما هي في مطبخ القرار السياسي و ملعب خيارات الشعب".
أما الكاتب عبد الله العلمي فأكد بدوره بأن مطالبته بالمحاكمة ليس للشيخ البراك بعينة، "بل أي شخص يحرم ويحلل ويكفر الآخرين في فتوى فردية"، وحول استناد الدكتور عبد الرحمن البراك على آيات قرانية وأحاديث نبوية في فتواه، أكد العلمي في سياق حديثه لـ"إيلاف" بأن "ثقافة البراك الفقهية لا تؤهله للتدخل في هكذا أحكام، لكن من منطلق حسن الظن والوطنية ومطلب العيش السلمي نطالب بوقف تلك الأحكام الفردية التكفيرية ومعاقبة من يطلقها"، وقال إنه لا يوافق الشيخ محمد النجيمي حين طالب بوقفها فحسب بل يجب معاقبة من يطلقها، وعن اتهام البعض للبعض بأنهم ليسوا مؤهلين للمجادلة في تلك الأحكام قال عبدالله العلمي "أوافقه الرأي فعدم الإجماع وارد جداً لكن حين يصل الاختلاف لدرجة القتل هنا الكارثة حين تكون من قِبل شخص واحد فهذا الأمر مرفوض كُلياً".
وتابع أنه يطالب في التحقيق مع كل إنسان يحاول القذف ويتحمل كل ما قد يأتي إليه، فقد طالب في موقعه الرسمي بأن يقتل من يطالب بالاختلاط، حيث كفر فئة من المواطنين وجعل منهم المرتد والكافر وما قام به قذف وتشكيك في الذمم.
من جهتها اعتبرت الدكتورة النفسية سميرة الغامدي أن "ظهور البراك تحت مسمى شيخ لا يعطيه الحق في ما يقوم به كوننا نجهل مرجعيته" وتساءلت "هل نحن من قمنا بإيجاد الاختلاط في المستشفيات داخل مراكز العمل؟ بالطبع لا بل الحكومة فمن الأولى له أن يسأل حكومتنا فهل هو جريء لأن يخاطب جهات عليا"، وقالت الغامدي إنها ليست ضليعة في الدين لكن ما تفهمه أن كلامه غير صحيح "فاستباحة الدماء والتشكيك في أخلاقيات وتصرفات الآخرين ليست من حق أي شخص".
وأكملت "إن من يتوقع أن المرأة إذا عملت مع رجل في استقبال المستشفيات بنظام (الشيفتات) مُخطئ لأنهم في مكان عام ومقر عمل معروف لدى الجميع وللخلوة شروط ولا أظنها تنطبق على هكذا حالات فإن كانت نظرته صائبة فليحاسب جميع الناس وليجلدوا إذا، فما الذي يطلبونه من هل يرضيهم أن نعيش في كهوف حتى يرضوا عنا ومن يرى أنني أطلب بالاختلاط فهو مخطئ بل أطالب أن نعيش حياة كريمة تحترم الآداب العامة وتراعي في ذلك احترام الأطراف كوننا ننتمي لمجتمع يحترم حقوق الإنسان ونحن كأفراد لا نحترم بعض هنا تكمن المأساة".
فليس من الطبيعي - والحديث لسميرة الغامدي - أننا نصنف كشعب لا يفكر رجاله إلا بالجنس فأين التوجه الإصلاحي ودور الجامعات، إذا كنا نفرق بين العموميات، والخصوصيات والأمور المهنية والغير مهنية فسنستطيع أن نتعامل مع بعض وإلا لما وجدت جامعة كاوست على أرض بلادنا ولمَ كانت هناك مبتعثات يعدن بشهادات دكتوراه وبروفسورات فمن يحارب التطور ليسوا سوى حراس الفضيلة المشوهة متناسين أننا متربين بل جعلوا منا مجرد حيوانات تبحث عن الجنس فهذه النظرة التي ينظر إلينا بها الشيخ البراك وهذا كلام مردود عليه فالشرع أكبر من أن ينظر إلينا هذه النظرة، على حد قولها.
"ثقة مني بأنهم لن يكسبوا مثقال منخال أمام القضاء حيث أنهم دائماً ما يطالبون بأن تُحال قضاياهم للجنة الإعلامية" هكذا صرح الشيخ محمد النجيمي رئيس قسم الدراسات المدنية بكلية الملك فهد الأمنية في الرياض وأستاذ في المعهد العالي للقضاء وعضو بمجمع الفقه الإسلامي لـ"إيلاف" وأضاف متسائلا "لماذا يخافون المثول أمام القضاء والآن يطالبون بمعاقبه الشيخ وأتساءل لماذا يُحاكم ولمن أساء بالضبط إن كانوا هم يفهمون الفتوى كما يريدون فحديثه علمي وشرعي بحت، ولمن يطالب بإحالته لدار العجزة كونه فاقد للأهلية عليهم أن يثقوا أنهم هم من يجب أن يحالوا كونهم فاقدين للأهلية ويجب إحالتهم لصحة النفسية".
وتحدى النجيمي من يثبت وقوف البراك أو غيره من المشايخ ضد اقامة مشاريع تنموية وحضارية "هذا غير صحيح وكلامهم إنشاء ليس له معنى قانونيا (..) من وجهة نظري الحل موجود فلنجر استفتاء لجميع الفئات في مجتمعنا بحيث تكون الجهة الحاكمة محايدة وعلى من أخطا أن يعتذر ويتحمل نتائج آرائه ونرى من هو الذي سوف يضحك بالنهاية وليكونوا على ثقة بأن الموضوع لو أحيل للمحكمة سيُحكم عليهم ولا يحكم عليه لأن فتواه (البراك) كانت فقهية مرصوصة وهم يتحدثون عن كلام لا معنى له".