صاحب موسوعة بيت المقدس يرحل في صمت
عشق ابي القدس التي تعلم فيها, وعاش في ربوعها حيث درس في الكلية العربية, وهي الكلية التي انجبت علماء فلسطين كجبرا ابراهيم جبرا ونصر الدين الاسد وغيرهم من الرموز الفلسطينيه.
فؤاد عباس
وكثيرا ماحدثني- فؤاد عباس- عن القدس. وعن الكلية العربية وعن الاساتـذه العظماء في الكلية العدبيه من امثال:سامح الخالدي ونيقولا زيادة, وحدثني عن شجرة الزيتون التي كان يجلس تحتها في قمة التل في' الكلية العربية', كان يقول لي: في تلك الكلية عشت اجمل ايام حياتي.
خرج من فلسطين فاقدا بهجة الحياة, وكنت الاحظ حزنه الدفين السري, ولكن حزنه لم يكن قط هـا الحزن العشوائي السلبي, كان حزنه متناميا, فقد كتب' موسوعة بيت المقدس' واستوعب التراث, فكتب الكثير من كتب التراث, وعمل في إذاعة المنظمة التي كانت تبث من القاهرة, كتب برنامج خاطرة الصباح وبرنامج احياء عند ربهم يرزقون, وافصح لي قبل موته عن رغبته في ان يكون هذا البرنامج وماحواه من معلومات عن الشهداء نواة لموسوعة جديدة لشهداء فلسطين.
كتب الكثير من الكتابات في الاهرام والمجلات الثقافية العربية وكان رئيسا لكتاب فلسطين في القاهرة.. عشق كثيرا اللغة العربية, وكانت اقامة هذا الرجل دائما بين المعاني, فقد اهتم بالقراءة والكتابة والتفكير اكثر من شئون الحياة الاخري وكانت فلسطين بالنسبة له نمط حياة عاش من اجل ان تعو.. لقد امسك بالقلم منـ خرج من'امجد عسقلان' الي ان وافته المنية, وكان يؤمن بأن المعرفة في خدمة النضال, لذلك كان يثقف المناضلين ثقافة عسكرية, بعد67, فبعد النكسة ثقف نحو ثلاثة آلاف مناضل...
لقد ترك فؤاد عباس مكتبة تحوي مئات الكتب ونيفا كما كتب ملاحظاته الثقافية في دوسيهات تكاد تحوي كل شاردة وواردة, فقد كان يمكن الاستفادة من هذه العقلية الموسوعية بشكل افضل, لكن شأن العظماء لا نعرف قيمتهم الا بعد ان يرحلون.. لقد كان ينتمي انتماء تاما الي جسد العروبة النبيل, وقد عشق مصر ام الدنيا وانخرط في احداث الامة العربية وخالط تلك الاحداث, وكان شديد التآثر بأمتنا العربية التي كانت تمر بمنعطفات خطيرة, ومع كل هذا ظل متمسكا بنبوءات الحرية والمجد العربي ولم يفقد الامل ابدا, وكلماته' جرس' يرن في أدني' القدس العتيقة لن تموت' ورحل في صمت